تعرف علي أنماط الحوار النسوي في الرواية الفلسطينية,تعرف علي أنماط الحوار النسوي في الرواية الفلسطينية,تعرف علي أنماط الحوار النسوي في الرواية الفلسطينية




بقلم: د. زكي العيلة





الحوار جزء أساسي من الأسلوب التعبيري في القصة، وهو صفة من الصفات العقلية التي لا تنفصل عن الشخصية بوجه من الوجوه ، ولهذا كان من أهم الوسائل التي يعتمد عليها الكاتب في رسم الشخصيات ، فبواسطته تتصل الشخصيات بعضها بالبعض الآخر اتصالاً صريحاً ومباشراً(1) مما يسهم في إبراز حقيقة تلك الشخصيات بشرح مواقفها ، وكشف طرائق تفكيرها، و "استجلاء عمق الأشياء والغوص في أعماق الوجود ومظاهر الصراع"(2).



لقد تعددت الأنماط الحوارية التي لجأت إليها الرواية الفلسطينية في تعاملها مع الشخصيات النسوية بغرض إظهار معالمها ، وإبراز سماتها النفسية والاجتماعية والفكرية ، فهناك المحاورة التي تخلو من السرد تماماً كما في الحديث الدائر في رواية (بقايا) بين (أبي الرائد) والفتاة المناضلة (وديعة) التي نجحت في مهمة إحضار حقيبة السلاح التي كُلفت بها، حيث تكشف الجمل الحوارية حالة التأزم السائدة بين المتحاورينِ نتيجة شكوك معينة بدأت تتفاعل في باطن (وديعة):

" - مهمة ناجحة لا يقدر عليها إلا "وحدة ست" أين الحقيبة ؟

- في أمان.

- أعطني إياها.

- الحقيبة مخبأة في مكان أمين.

- تعليمات التنظيم تقضي بأن تسلميني إياها فوراً.

- أنت قلت بأن هذه مهمة لا يقدر عليها إلا "وحدة ست" ، وأنا أضيف إنه لا يكملها إلا وحدة ست.

- أعطني الحقيبة فوراً.

- لن أسلمك الحقيبة إلا بعد أن أستجلي الأمر مع ماجد.

- أي أمر ؟‍! ومن هو المسؤول أنا أم ماجد؟!

- هناك أمر يخصني مع ماجد.

- أنتِ تخالفين الأوامر ، وهذه مسؤولية أتحملها أنا.

- قلت لك لن أسلمها الآن.

- أحاكمك في التنظيم وأطردك .

- احكم عليَّ بالإعدام إن شئت ، لن أسلمها الآن"(3).



وهناك أنواع من المحاورة التي يتدخل السارد فيها ببعض الجمل القصيرة التي تمهد للحوار وتقويه، وتكشف هوية الشخصية ، وحجم التغيير الذي طرأ عليها ، مستعينة بالفعلين (قال، قالت) فمن خلال الحوار في رواية (آخر القرن) بين المناضل القديم (محمود السلوادي) و(نهى سليمان) – المرأة التي تدير إحدى المؤسسات الوليدة في السلطة الفلسطينية- نتعرف على طبيعة تلك المرأة التي تتلاعب بمقدرات الآخرين ، ولا تتورع عن ارتكاب الموبقات في سبيل تحقيق أغراضها مستغلة تناقضات المرحلة:

" التفتت نهى إلى محمود وقالت بعنف كبير:

- لماذا تعارض المشروع ؟

قال بهدوء :

- هذه سرقة كبيرة .

قالت وقد ندمت على سرعة ارتمائها في أحضان رجل غبي:

- ولكن المنحة الأوروبية ستصل ، وسيستفيد منها الشعب الفلسطيني.

نطقت حرف الطاء كحرف التاء.

قال : - من خلال مشروعك الشخصي.

- وما الفرق؟

- الفرق أن المنحة الأوروبية يجب أن تذهب للناس.

-وأنا ؟!

وعرضت صفحة خدها للقمر فصار لونه عجيباً.

قال : - أنت تلعبين بالنار.

- يجب أن تلعبي معي .

قالت ذلك بعنف وتصميم"(4).



في القطعة الحوارية التالية يوظف الروائي بعض الجمل السردية التي تضيء الحدث وتظهر حجم اللهفة والسعادة التي أصابت (ندى) المعلمة في مدرسة بنات المخيم عندما فوجئت بمرأى حبيبها (محمود) الخارج من السجن، مما جعلها تتجاوز عن كثير من تقاليد المخيم ، فكانت هي المبادرة إلى الهتاف باسمه:

"- محمود !

توقف . نظر إليها بشيء من التحذير كأنما تقول العينان : هل جننت؟

لكنها بصوت راعش مليء بالفرح والدهشة والحب قالت:

- انتظر .

لبث في مكانه حتى أوشكت أن تصل ، فتحرك ببطء قائلاً:

- أجننت؟!

قالت: – نعم .

- ألا تخافين أن يرانا الناس معاً؟

قالت: – ليرانا الناس معاً.

مدت يدها ، وفي عينيها تفجر عشق كأنه وجد الصوفي في الحضرة.

- متى خرجت؟

- أمس.

- ومع ذلك لم تبحث عني وأنا التي أصلي ليل نهار من أجلك.

قال لها:

- تلميذاتك يراقبننا هذا غير عيون المعلمات ، ولا تنسي المصادفات السيئة التي لا تكون في الحسبان.

قالت :

- أود أن أقبلك هنا في الشارع وأمام الناس"(5) .

فقطْع الحوار لبرهة، وإعطاء المجال لجمل سردية موجزة تتخلله -مثل (بصوت راعش مليء بالفرح والدهشة والحب قالت) و(مدت يدها وفي عينيها تفجر عشق كأنه وجد الصوفي في الحضرة)- يساهم في تطوير الحدث ويكشف لنا مكنونات تلك الشخصية.



"وإذا كانت مهمة الحوار رفع الحجب عن مشاعر الشخصيات وأحاسيسها وعواطفها وشعورها الباطن تجاه الأحداث والشخصيات الأخرى"(6) فإن هذه القطعة الحوارية القصيرة التي تدور بين الفتاة (زينة) وأمها الأمريكية في رواية (الميراث) تكشف لنا عن الواقع النفسي لكل منهما ، "قالت الأم برجاء:

- لا تلوميني.

- لماذا ألومك؟

- أتحبينني؟

- لا أكرهك.

- وماذا عن الحب؟

- نعم ماذا عن الحب؟

- أنت لا تحبينني ؟"(7).

المحاورة تدل بجلاء على الجفاف الذي يسود علاقة الأم بابنتها، فكل منهما تطرح سؤالها، ولا تنتظر الإجابة عنه ، لكنها تسعى إلى معرفة إن كان ما في نفسها تجاه الأخرى صحيحاً، أي أنها تريد تعميق حس الجفوة وتخشى في الوقت نفسه أن لا تكون محقة في جفوتها ، إنها تريد أن تحتفظ بهذا الابتعاد في العلاقة ، وأن يكون موقفها هنا صحيحاً لترتاح في النهاية من وخز الضمير الذي تشعر فيه أنها متهمة بالتقصير ، لتستمد التبرير من موقف الآخر ، فعندما تطرح الأم سؤالها (أتحبينني؟) لا ترغب ابنتها (زينة) أن يُسجل الوزر في مسألة الجفاف عليها ، فتجيب مقرة حقيقة (لا أكرهك) ، فعدم الكره لا يعني الحب ، ولا يعني العداوة ، وهذه الإجابة لا تحمل قائلها وزر الشعور بالذنب ولكنها لا تحمل أيضاً راحة الضمير كاملة(8).



في رواية (باب الساحة) يتحول الحوار بين حسام الجريح و(نزهة) إلى نوع من التحدي وتصفية الحسابات وهو يعكس لغة (نزهة) التي تختلط فيها السخرية الكاوية بالمرارة والتحفز انطلاقاً من شعورها بالظلم الذي ولّد حالة من الجفاء بينها وبين الوسط المحيط بها، بحيث تبدو المحاورة وكأنها نوع من النزال بين طرفين ، ويلاحظ هنا لجوء الروائية إلى اللهجة العامية في الحوار بزعم خلق حالة من الإيهام بحقيقة الوقائع:

"- أكثر مـن ها القرد ما سخط الله، أمي ودبحتوها، وأنا حطمتوني وضربتوني ونسيتو إني انحبست مثل ما انحبسوا.

- وطلعتِ بكفالة.

- وعاصم المربوط بماذا طلع؟ هاي هو ماشي عرضين وطول، صدق اللي قال: أمرين مرّين ما حدا دريان فيهم: موت الفقير، وتعريص الغني.

ظل يحملق فيها مشدوها ، واصلت وموجة صوتها تزداد ارتفاعاً:

-وافرض أن لكم حساباً على أمي، بأي حق تحاسبوني أنا؟

- أنتِ بنتها.

- وأخوي ابنها.

- أنتِ عايشة معها وأكيد كنت تعرفي.

- أنا من يوم ما خرجت من السجن لا عرفت السياسة ولا بدي أعرف، وليش أتدخل وأورط حالي ؟ عشان واحد مثل المربوط يطلع فوق وأنا أنزل تحت؟ روح اسأل عنّا مين اعترف.

- مش وقت السؤال ونبش القصص.

- وليش قصتي أنا؟

- أمك ، أمك.

صاحت بهستيريا:

- وليش قيدتوني على حسابها ، وما قيدتوني على حسابه؟

- انت وهاالدار.

- مالها هاالدار؟ من يوم الانتفاضة ولا طير غريب.

- وقبل الانتفاضة كل يوم غريب.

- ومن الجملة أبوك"(9) .



في الحوار الدائر بين (رفيف) و(عادل) في رواية (عباد الشمس) تتكشف لنا شخصية تلك المرأة المثقفة المتمحورة حول ذاتها بحيث تبدو علاقتها بالرجل علاقة تحدٍ وصدام ورفض.

"قال بهم :

- فلنمشِ من هنا .

صاحت في ثورة :

- لن أمشي معك بعد الآن ، ولن أدعك تستعبدني بهذا الشكل.

- ولكن من قال أني أريد استعبادك ، أريدك حرة مستقلة قوية لا تعرف الضعف، أريدك ثورة حقيقية بدون شوائب.

- شوائب ! العواطف شوائب إذن، أهذا ما تقصده بالثورة الحقيقية، ثورة بدون عواطف ، وأصبح باردة ككتاب البحوث، أنت مخطئ ، أعظم الثوريين كانوا عشاقاً عظاماً ، وأنت إنسان بدون عواطف.

- حقاً ! أهذا أنا؟

توقفت وسط الشارع ودقت كعبها بالأرض.

- قلت لن أمشي معك.

-ولكنكِ مشيت.

- إذن فهذا ما تريد ، ألا أتحرك إلا بعد دراسة ، وعليّ أن أقضي الساعات أناقش قبل أن أخطو خطوة ، كل شيء بمقدار ، كل شيء بمقياس ، وأفقد تلقائيتي وأصبح آلة"(10).



في رواية (عباد الشمس) نقرأ عدداً من المقاطع الحوارية الوثيقة الصلة بطبيعة المرأة ومستواها الاجتماعي والفكري والأخلاقي ومن يتابع الحوار الذي دار بين (خضرة) غير المبالية بالقيم وبعض الرجال في أحد مقاهي تل أبيب ، أو بين خضرة وسعدية، يدرك إلى أي حد وفقت الكاتبة في رسم ملامح هاتين الشخصيتين المتناقضتين، إذ أعطت لكل شخصية لغتها التي تناسبها، وإن كانت بمنأى إلى حد بعيد عن الضبط والحشمة، حيث نقلت الرواية شتائم (خضرة) نقلاً حرفياً بكل ما تحمله من بذاءة وسوقية ولم تخضعها للصقل والتهذيب(11).



ويلاحظ في بعض حواريات (عباد الشمس) الميل إلى الحشو والإطالة والاسترسال، كما في محاورة (رفيف) لزملائها في المجلة التي استهلكت فصلاً كاملاً من الرواية، ضخت من خلاله حشداً من الأفكار الاجتماعية والسياسية الجاهزة المثيرة للجدل، كحديثها عن عقدتها كامرأة، وحديثها عن التركيبة الاجتماعية، والثقافة السائدة ووجوب تغييرها، وحديثها عن طبقية الجنس والاستلاب ، وأن المرأة عبدة العبد، وعدم إيمانها بالتقسيمات والعلوم والنظريات التي أبدعها الرجال في تفاصيل تأخذ طابع المقالات السياسية والاجتماعية بعيداً عن جماليات الفن(12).



في رواية (الحصار) تطالعنا المحاورة التالية التي تدور بين المرأة وزوجها في أثناء الحصار المضروب على قريتهما (عنبتا) حيث يفوح الحوار خطابية كما أن مستواه يبدو غير متناسب مع الواقع الفكري للمتحاورين خاصة ربة البيت (الأم) التي اعتقل ابنها:

" - هذا الصمت المطبق لا يطاق، للصبر حدود، والولد مظلوم، ولا بارقة أمل تبدو في الأفق.

- يا امرأة، تحاولين أن تستثمري المنطق في ظرف خارج عن كل منطق، قلت لك ألف مرة أننا حجر في بناء كبير، أتحبين أن نكون قشة في هذا البناء الصلب، أتحبين أن نكون النغمة النشاز في هذه الموسيقى المكتوبة على نوتات.

- لا أطالب بذلك، ليس هذا هدفي، ولكن عندما أراهم يصادرون سهري وتعبي فإنني أتشبث بالرفض.

- ارفضي، تمردي، انضحي من مخزون عاطفتك الثائرة.

- ولكنهم يدمرون حياتنا، هذا الحصار ظالم والدائرة تضيق حول الأقدام.

- إذا شعرنا أننا المطلوبون الوحيدون هنا في هذه البلدة وهناك في كل بلدة أو مدينة فإن الدائرة تضيق حقاً.

- بصفتي أماً يعبث الحنان في الصورة ، يخربش عليها بطباشير غريبة بالفحم.

- أنتِ تعرفين، زودتك التجربة، في طلقات الميلاد ألم وفيها انتظار وفيها نشوة المستقبل.

- وإذا تعذر الميلاد يكون المشرط ضرورياً ، العملية القيصرية.

- ليكن شريطة المحافظة على الأم وعلى الطفل.

- عند المنطق تُسد عليَّ جميع الطرق"(13).



* * *

* قاص وباحث مقيم في غزة

* موقع
Personals | Cash Advance | Debt Consolidation | Insurance | Free Credit Report at Zakiaila.net

* بريد zakiaila@gmail.com

zakiaila@************



المـراجــع1

1- محمد يوسف نجم ، فن القصة، ط1 ، دار صادر ، بيروت، 1996، ص 96.

2 - محمد برادة، أسئلة الرواية، أسئلة النقد، ط1، منشورات الرابطة، الدار البيضاء 1996، ص80.

3- أحمد حرب، رواية: بقايا ، ط1 ، جامعة بيرزيت، رام الله، 1996، ص109-110.

4- أحمد رفيق عوض، رواية: آخر القرن، اتحاد الكتاب الفلسطينيين، القدس 1999، ص202.

5- رشاد أبو شاور ، العشاق ، ط5 ، وزارة الثقافة ، غزة 1999 ، ص65-66.

6- حسن البنداري، فن القصة القصيرة عند نجيب محفوظ ، ط2 ، مكتبة الأنجلو المصرية ، القاهرة ، 1988 ، ص99.

7- سحر خليفة ، رواية: الميراث، ط1 ، دار الآداب ، بيروت 1997، مصدر سابق، ص29.

8- نسرين محمد الشنابلة ، روايات سحر خليفة ، رسالة ماجستير، الجامعة الأردنية، 1993، ص 136.

9- سحر خليفة ، رواية: باب الساحة ، ط1 ، دار الآداب ، بيروت، 1990 ، ص74-75.

10- سحر خليفة، رواية: عباد الشمس ، لجنة الأبحاث ، بيرزيت ، القدس مايو-آيار 1980، ص141.

11- حسان رشاد الشامي ، المرأة في الرواية الفلسطينية 1965-1985 ، اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ، 1998، ص190.

12- انظر: رواية عباد الشمس، مصدر سابق ، ص256-273.

13- أديب رفيق محمود ، رواية: الحصار ، منشورات الوحدة ، نابلس ، 1980، ص125-126.

*







,ترفيه,سعودى,منتديات تلبي جميع احتجاجات المستخدم العربي,

تعرف علي أنماط الحوار النسوي في الرواية الفلسطينية,تعرف علي أنماط الحوار النسوي في الرواية الفلسطينية,تعرف علي أنماط الحوار النسوي في الرواية الفلسطينية,تعرف علي أنماط الحوار النسوي في الرواية الفلسطينية,تعرف علي أنماط الحوار النسوي في الرواية الفلسطينية,تعرف علي أنماط الحوار النسوي في الرواية الفلسطينية



المصدرمجلة الإبتسامة

via سعودى وانhttp://ift.tt/1cZ0EaB

0 Responses to 2020تعرف علي أنماط الحوار النسوي في الرواية الفلسطينية مياسة الزين

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

احصائيات